رأى المسيحية فى عادة ختان الإناث

لا شك أنها مأساة عظيمة، ستة آلاف فتاة فى قارة أفريقيا (28 دولة)، تتعرض لهذه الممارسة الضارة يومياً... ستة آلاف فتاة فى عمر الزهور! يا للخوف.. ويا للهلع الذى يطل من عيونهن! ويا للرعب... ويا للدم والنزيف والألم الشديد الذى يتعرضن له.

إن المسيحية ترفض بشكل قاطع وحاسم هذه الممارسة العنيفة التى تجرى لبناتنا يومياً تحت سمع وبصر ومباركة المجتمع بل أنها تحاربها وذلك لعدة أسباب جوهرية:
أولاً:
ليس لهذه الظاهرة أى سند دينى، فلا توجد آية واحدة فى الكتاب المقدس بعهديه (القديم والجديد)، فى اليهودية والمسيحية، تتحدث عن ضرورة ختان الإناث. فختان الإناث عادة اجتماعية متوارثة، قبل أن تعرف مصر الديانة المسيحية. لكنها لم تنتهى فى العصر المسيحى، بل استمرت تمارس من الأقباط المصريين طوال هذه السنين حتى وقتنا الحالى، مما يؤكد عمق الأسباب الاجتماعية المؤيدة لختان البنات. فقد ربط الختان دائماً بفضيلة أخلاقية هامة عن الأقباط والمصريين جميعاً، ألا وهى العفة والطهارة قبل الزواج، وبعد الزواج.

إن الكنيسة المصرية كان لها دائماً موقفاً رافضاً لتلك العادة الاجتماعية القديمة. ففى نهاية القرن الثالث عشر الميلادى سئل الأنبا أثناسيوس أسقف مدينة قوص "هو يجوز ختان البنات"؟ فكان جوابه قاطعاً "لا رخصة لهن فى ذلك، لا قبل عمادهن ولا بعد" هذا هو موقف المسيحية والكنيسة المصرية الثابت عبر القرون: الرفض الكامل لتلك العادة التى تنتهك آدمية الفتاة البريئة، وكرامتها، طوال حياتها.

ثانياً:
إن الختان المذكور فى الكتاب المقدس هو ختان الذكور فقط، فقد كانت تلك فريضة دينية فى اليهودية، ولم تعد فريضة دينية فى المسيحية. وهو يمارس الآن من وجهة نظر صحية فقط، وليس من وجهة نظر دينية. فبمجئ السيد المسيح سقطت كل الدلالات الرمزية لختان الذكور.
ولقد أعطى آباء الكنيسة منذ العصور الأولى للمسيحية تفسيراً رمزياً ودلالة مسيحية لختان الذكور، تتفق وإيمان العهد الجديد، إذ صارت المعمودية فى المسيحية، هى شريعة الختان الجديدة، ختان القلب والروح.
"وفيه أيضا ختنتم ختاناً غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية، بختان المسيح، مدفونين معه فى المعمودية، التى أقمتم أيضاً معه، بإيمان عمل الله الذى أقامه من الأموات. (كولوسى 2 : 11 , 12).
ويؤكد القديس كيرلس عمود الدين (القرن الخامس الميلادى) بأن الختان قد صار له دلاله رمزية جديدة فى المسيحية، فقد أصبح ختاناً للروح، أى الكف عن الآثام، وليس ختاناً للجسد فقط.

ثالثاً:
المسيحية تؤمن بأن الله حينما خلق الإنسان خلق كل شئ فيه حسناً، وكل عضو فى جسده له وظيفته ودوره. هذه العادة تشوه خلقه الله الحسنة، كما ا،ها تفقد الأعضاء التناسلية فى جسد المرأة دورها ووظيفتها الطبيعية، التى خلقها الله من اجلها. فكيف للمسيحية أن تؤيد مثل هذا التشويه المتعمد لجسد المرأة، الذى كرمه الله، وخلقه فى أحسن صورة.

رابعاً:
لا يمكن للمسيحية أن تقر ممارسة تضر بصحة المرأة الجسدية والنفسية طوال حياتها، أو قد تؤدى بحياتها، وذلك جرياً وراء تصورات ومعتقدات اجتماعية قديمة غير صحيحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق